وقال الشاعر في عثمان رضوان الله عليه حين قتل:

تمنى كتاب الله أول ليله وآخرها لاقى حمام المقادر (١)
[١٨٨٢] وسمعت أبا القاسم (الحسن بن محمَّد) (٢) بن حبيب
(١) في (ب): الحمام، وفي الأصل: المقابر. والبيت لحسان بن ثابت، وهو في "لسان العرب" لابن منظور (مني) بلا نسبة.
ولعل المراد من قوله تعالى: ﴿إِذَا تَمَنَّى﴾ ما يجده النبي في نفسه من الرغبة في هداية الناس وما يتمنى من جذب الناس إلى دين الله، ومن خلال هذا الشعور من النبي يحاول الشيطان أن يدخل إلى نفس الرسول مهادنة الناس على بعض تصرفاتهم والتنازل عن قواعد دعوته الشرعية، ولكن الله سبحانه وتعالى يبين آياته ويحكم أساليب رسوله في نشر دعوته، بجعل الدعوة تمشي على قواعد وموازين شرعية بعيدة عن المخالفة أو النظر إلى المصلحة على حساب قواعد الدعوة، وهذا القول مبني على أمرين:
الأول: أن الله سبحانه وتعالى قد بيّن أن هذا الأمر حصل للأنبياء والرسل الذين قبل الرسول - ﷺ -كما في الآية.
الثاني: بعض المواقف والتصرفات التي حصلت للرسول - ﷺ - في حياته كما روى مسلم في كتاب "فضائل الصحابة" باب فضائل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - (٢٤١٣)، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمَّد بن عبد الله الأسدي، عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد قال: كنا مع النبي - ﷺ - ستة نفر، فقال المشركون للنبي - ﷺ -: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان نسيت اسميهما، فوقع في نفس رسول الله - ﷺ - ما شاء الله أن يقع، فحدث نفسه، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾.
(٢) من (ج)، الحبيبي، قيل: كذبه الحاكم. أبو القاسم.


الصفحة التالية
Icon