٤ - ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ﴾
الواجبة (١)

(١) اختلف أهل العلم في المراد بالزكاة هنا:
القول الأول: أن المراد بها زكاة الأموال الواجبة وهو اختيار المصنف والطبري في "جامع البيان" وعزاه ابن كثير والرازي للأكثرين.
واستدلوا بما يلي:
١ - أن أصل الزكاة فرض بمكة قبل الهجرة، وأما الزكاة التي فرضت بالمدينة سنة اثنتين من الهجرة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة.
٢ - أن هذِه اللفظة (الزكاة) قد أختصت في الشرع بهذا المعنى.
٣ - لو حملنا معنى الزكاة هنا على زكاة النفس من الشرك والدنس لكان شاملًا لجميع صفات المؤمنين المذكورة في أول هذِه السورة فيكون كالتكرار، والحمل على التأسيس والاستقلال أولى من غيره.
٤ - أن قوله: (فاعلون) معناها مؤدون وهي لغة فصيحة صريحة.
القول الثاني: أن المراد بها زكاة النفس أي تطهيرها من الشرك والدنس كقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩)﴾.
واستدل هؤلاء بـ:
١ - أن السورة مكية بلا خلاف -كما سبق- والزكاة فرضت بالمدينة فدل على أن قوله ﴿لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ نزل قبل فرض الزكاة الواجبة فدل على أن المراد به غيرها.
٢ - أن المعروف في زكاة المال أن يعبر عن أدائها بالإيتاء كقوله: ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ وهنا عبر بقوله (فاعلون) فدل على أن هذِه الزكاة: أفعال المؤمنين.
٣ - أن زكاة الأموال عادة ما تقرن في القرآن بالصلاة من غير فصل بينهما، وهنا فصل بينهما بجملة ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾.
القول الثالث: أن المراد زكاة النفوس، وزكاة الأموال جميعًا لعموم الآية وهذا اختيار الشيخ السعدي في "تيسير الكريم الرحمن" (ص ٤٩٧) وهو الراجح جمعًا =


الصفحة التالية
Icon