وفرقة حازوا قصب السبق، في جودة التصنيف والحذق، غير أنهم طولوا كتبهم بالمعادات (١)، وكثرة الطرق والروايات، وحشوها بما منه بُدٌّ، فقطعوا عنها طمع المسترشد مثل الإِمام أبي جعفر محمَّد بن جرير الطبري (٢)، وشيخنا أبي محمَّد عبد الله بن حامد الأصبهاني (٣)، وازدحام العلوم مضلّةٌ للفُهوم.

= الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. باب بيان أن الإسناد من الدين.. إلخ.
(١) أي: المكررات.
(٢) أبو جعفر محمَّد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، الإِمام، رأس المفسرين على الإطلاق، أحد الأئمة، جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظًا لكتاب الله، بصيرًا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالمًا بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عالما بأحوال الصحابة والتابعين، بصيرًا بأيام الناس وأخبارهم.
له التصانيف العظيمة، منها "تفسير القرآن" وهو أجلُّ التفاسير، لم يؤلف مثله، كما ذكر العلماء قاطبة؛ وذلك لأنه جمع بين الرواية والدراية، ولم يشاركه في ذلك أحد لا قبله ولا بعده، قال أبو حامد الإسفراييني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل "تفسير ابن جرير"، لم يكن كثيرا. مات سنة (٣١٠ هـ).
"تاريخ بغداد" للخطيب ٢/ ١٦٢، "سير أعلام النبلاء" للذهبي ١٤/ ٢٦٧، "تذكرة الحفاظ" للذهبي (٧٠٤)، "طبقات المفسرين" للداودي ٢/ ١٠٦، "طبقات المفسرين" للأدرنوي (٧٠).
(٣) عبد الله بن حامد بن محمَّد بن عبد الله بن على بن رستم بن ماهان، أبو محمَّد الماهاني، الأصبهاني، الوزان، الواعظ، من أهل نيسابور، ولد بها، وتفقه على أبي الحسن البيهقي، ثم خرج إلى أبي على ابن أبي هريرة، وتعلم الكلام من أبي على الثقفي، وأعيان الشيوخ، وسمع بنيسابور أبا حامد ابن الشرقي، ومكي بن عبدان، وأقرانهما، روى عنه الحاكم وغيره. توفي سنة (٣٨٩ هـ) وهو ابن (٨٣) =


الصفحة التالية
Icon