وأنها السبع المثاني (١). وسورة الحجر مكية بلا اختلاف، ومعلوم أن الله تعالى لم يمتنَّ (٢) عليه بإتيانه السبع المثاني (٣) إلا (٤) وهو بمكة، ثم أنزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله - ﷺ - صلى (٥) بمكة بضع عشرة سنة بلا فاتحة الكتاب، هذا مما لا تقبله العقول (٦).
قلت: ولفَّق بعض العلماء بين هذين القولين، فقال: إنها مكية مدنية، نزل بها جبريل مرتين: مرة بمكة، ومرة بالمدينة، حين حلَّها (٧) رسول الله - ﷺ - تعظيمًا وتفضيلًا لهذِه السورة على ما

(١) رواه الترمذي كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل فاتحة الكتاب (٢٨٧٥) في حديث طويل، وفيه أنَّ النبي - ﷺ - قال لأُبي: "تحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها؟ " قال: نعم يا رسول الله. قال رسول الله - ﷺ -: "كيف تقرأ في الصلاة؟ " قال: فقرأ أم القرآن، فقال رسول الله - ﷺ -: "والذي نفسي بيده ما أنزلت في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرج البخاري نحوه عن أبي سعيد بن المعلَّى، كتاب التفسير، باب ما جاء في فاتحة الكتاب (٤٤٧٤).
(٢) في (ت): يمنَّ.
(٣) يريد قوله تعالى في سورة الحجر: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧)﴾.
(٤) من (ت).
(٥) من (ت) وفي باقي النسخ: كان.
(٦) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ١/ ٥٦، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١/ ١٠٠، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية ١٧/ ١٩٠.
(٧) في (ت): دخلها.


الصفحة التالية
Icon