فقال قراء المدينة والبصرة وفقهاء الكوفة: إنها افتتاح للتيمن (١) والتبرك بذكره تعالى، وليست من الفاتحة ولا من غيرها من السور، ولا يجب قراءتها، وأن الآية السادسة ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾. وهو قول مالك بن أنس، والأوزاعي (٢) وأبي حنيفة (٣). ورووا ذلك عن أبي هريرة.

= ثم إنَّ الله تعالى جعل الفاتحة بينه وبين عبده نصفين، وهي سبِع آيات باتفاق أهل العلم المعتد بقولهم، كما جعل تعالى الآية ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ بينه وبين العبد وهي منتصف السورة. فقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ وما قبله من ثلاث آيات ونصف حمد وثناء وتمجيد وعبادة، وقوله ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ وما بعده ثلاث آيات ونصف للعبد دعاء ومسألة، ويكون قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)﴾ هو الآية السادسة وقوله ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ هو الآية السابعة، وبهذا يتحقق التنصيف للفاتحة بين الرب وبين العبد.
وأمَّا رواية المصنِّف لهذا الحديث بزيادة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ في أوله فهي رواية ضعيفة، وهذِه الزيادة منكرة، تفرَّد بها ابن سمعان عن بقية الثِّقات كما ذكرته في موضعه. وثمة أدلة أخرى على هذا القول لا يتسع المقام لذكرها. وهي موجودة في المراجع آنفة الذكر.
والله سبحانه أعلم بالصواب.
(١) [١٧١/ ب]، من نسخة (ج).
(٢) عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن أبي عمرو الأَوْزَاعِيّ. الفقيه المشهور، ثِقَة، جليل. تُوفِّي سنة (١٥٧ هـ).
"تذكرة الحفاظ" للذهبي ١/ ١٧٨، "تقريب التهذيب" لابن حجر (٣٩٩٢)، "طبقات الحفاظ" للسيوطي (١٦٨).
(٣) هو النُّعمان بن ثابت الكُوفيّ، أبو حنيفة، الإمام، الفقيه، المشهور، يقال أصله من فارس، ويقال مولى بني تيم. مات سنة (١٥٠ هـ) على الصحيح، وله سبعون سنة. "تاريخ بغداد" للخطيب ١٣/ ٣٢٣، "سير أعلام النبلاء" للذهبي ٦/ ٣٩٠، =


الصفحة التالية
Icon