قوله -عز وجل- ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾: نستوفق ونطلبُ المعونة على عبادتك وعلى أمورنا كلّها، يُقال: استعنتُه واستعنتُ به (١).
وقرأ يحيى بن وثَّاب: (نِستعين) بكسر النون (٢).
قال الفراء: تميم وقيس وأسد وربيعة يكسرون علامات المستقبل إلا الياء، فيقولون: إِستعينُ، ويستعين، وتِستعين، ونحوها، ويفتحون الياء؛ لأنها أخت الكسرة، وقريش وكنانة يفتحونها كلها، وهي الأفصح والأشهر.
وإنما كرّر ﴿إِيَّاكَ﴾ ليكون أدلّ على الإخلاص والاختصاص والتأكيد (٣)، كقول الله -عز وجل- حكايةً عن موسى -عليه السلام- ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (٣٤)﴾ (٤) ولم يقل: كي نسبحك ونذكرك كثيرًا.
قال الشاعر:

وجاعلُ الشَّمْسِ مِصْرًا لا خَفَاءَ بِهِ بينَ النَّهَارِ وبَيْنَ الليلِ قدْ فَصَلا (٥)
(١) "الوسيط" للواحدي ١/ ٦٨، "تفسير القرآن" للسمعاني ١/ ٣٧٠.
(٢) "مختصر الشواذ" لابن خالويه (ص ١) "شواذ القراءة" للكرماني (ص ١٥)، "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي ١/ ٣٦٤.
(٣) "الوسيط" للواحدي ١/ ٣٢٥.
(٤) طه: (٣٣، ٣٤).
(٥) البيت لعدي بن زيد التميمي الجاهلي. ترجمته في "طبقات فحول الشعراء" لابن سلام ١/ ١٤٠، "الشعر والشعراء" (ص ١٣٠).
وورد البيت في "جامع البيان" للطبري ١/ ٧٤، "تهذيب اللغة" للأزهري ١٢/ ١٨٣، "لسان العرب" لابن منظور ١٣/ ١٢١ (مصر).


الصفحة التالية
Icon