النيل مع جواريها تلاعبهن وتنضح (١) الماء على وجوههنّ، إذ أقبل النيل بالتابوت تضربه الأمواج فقال فرعون: إنّ هذا الشيء في البحر قد تعلق بالشجرة فائتوني به فابتدروه بالسفن من كل جانب حتى وضعوه بين يديه فعالجوا فتح التابوت فلم يقدروا عليه وعالجوا كسره (٢) فلم يقدروا عليه، قال: فدنت آسية رضي الله عنها فرأت في جوف التابوت نورًا لم يره غيرُها، للذي (٣) أراد الله تعالى أن يكرمها، فعالجته ففتحت الباب فإذا هي بصبي صغير في مهده وإذا نور بين عينيه، وقد جعل الله تعالى رزقَه في إبهامه يمصّه لبنًا، فألقى الله تعالى لموسى عليه السلام المحبة في قلب آسية وأحبه فرعون، وعطف عليه وأقبلت بنت فرعون، فلما أخرجوا الصبيَّ من التابوت عمدت بنت فرعون إلى ما كان يسيل من ريقه فلطخَتْ به برصها فبرأت فقبّلته وضمته إلى صدرها، فقال الغواة من قوم فرعون: أيها الملك إنّا نظن أن ذلك المولود الذي تحذر منه من بني إسرائيل هو هذا، رُمي (٤) به في البحر فرقًا منك فاقتله، فهمّ فرعون بقتله (فلما همّ بقتله) (٥) قالت آسية: قرةُّ عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا، وكانت لا تلد فاستوهبت موسى السلام من فرعون

(١) في (س): وتنفخ. والنَّضْحُ: الرَّشّ. "لسان العرب" لابن منظور ٢/ ٦٢٠.
(٢) في (ح): السدة.
(٣) في (س): الذي.
(٤) في (س): أرم.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (ح).


الصفحة التالية
Icon