تريد (١) أن تقتلني بكتابٍ واحدٍ! فردَّ الملك إلى أخيه، فكتب شهريراز إلى قيصر ملك الروم: إن لي إليك حاجة لا تحملها البرد (٢) ولا تبلغها الصحف فالقني، ولا تلقني (٣) إلا خمسين روميًا فإني ألقاك (٤) في خمسين فارسيًا، فأقبل قيصر في خمسمائة ألف رومي وجعل يضع العيون بين يديه في الطريق، وخاف أن يكون قد مكر به، حتى أتاه عيونه أنه ليس معه إلا خمسون رجلًا، ثم بُسط لهما والتقيا في قبة ديباج ضُربت لهما ومع كل واحدٍ منهما سكين، فدعيا بترجمان بينهما، فقال شهريراز: إن الذين خربوا مدائنك أنا وأخي بكيدنا وشجاعتنا، وإن كسرى حسدنا فأراد أن أقتل أخي فأبيت، ثم أمر أخي أن يقتلني، فقد خلعناه جميعًا فنحن نقاتله معك، قال: قد أصبتما ثم أشار أحدهما إلى صاحبه أن السر بين اثنين فإذا جاوز الاثنين فشا، فقتلا الترجمان جميعًا بسكينيهما فأقبلت الروم على فارس عند ذلك فأتبعوهم يقتلونهم ومات كسرى، وجاء الخبر إلى رسول الله - ﷺ - يوم الحديبية ففرح ومن معه، فذلك قوله عز وجل: ﴿الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢)﴾

(١) في (ح): أردت.
(٢) جمع بريد، والبريد: الرسل على دوابّ البريد، والجمع: بُرُد. "لسان العرب" لابن منظور ٣/ ٨٦.
(٣) كذا في (ح)، وفي مصادر التخريج، أمَّا في (س) فهي غير واضحة، وفي الأصل: تباتني.
(٤) في (ح): لا ألقاك إلَّا.


الصفحة التالية
Icon