الدنيا، ثم يعرج الأمر والتدبير إليه ويرجع ويعود إليه بعد انقضاء الدنيا وفنائها ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ وهو يوم القيامة، وأما قوله: ﴿خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ فإنَّه أراد على الكافر جعل الله تعالى ذلك اليوم عليه مقدار خمسين أَلْف سنة وعلى المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في دار الدنيا (١)، ويجوز أن يكون ليوم القيامة أول وليس له آخر وفيها أوقات شتى بعضها أَلْف سنة وبعضها خمسين أَلْف سنة، ويجوز أن يكون هذا إخبارًا عن شدته وهوله ومشقته؛ لأن العرب تصف أيام المكروه بالطول وأيام السرور المحبوب بالقصر، وإلى هذا التأويل ذهب جماعة من المفسرين (٢).
وروى عبد الرزاق (٣)، عن ابن جريج (٤)، قال: أخبرني ابن أبي مليكة (٥) قال: دخلت أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان ابن عفان على ابن عباس فسأله ابن فيروز عن هذِه الآية، فقال له ابن عباس: من أَنْتَ؟ قال: أنا عبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان. فقال ابن عباس: أيام سماها الله لا أدري ما هي وأكره أن

(١) ذكره الطبري في "جامع البيان" ٢٩/ ٧٢، والبغوي في "معالم التنزيل" ٦/ ٣٠٠، وابن عطية في "المحرر الوجيز" ٤/ ٣٥٧، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٤/ ٨٨ مختصرًا، والشوكاني في "فتح القدير" ٤/ ٣٠٩ ولم ينسبوه جميعًا.
(٢) منهم ابن عباس - رضي الله عنه -كما ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٤/ ٨٨.
(٣) عبد الرزاق الصَّنْعانِيّ، ثقة حافظ.
(٤) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ثقة فقيه فاضل.
(٥) عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مُلَيْكَةَ، ثقة، فقيه.


الصفحة التالية
Icon