فإن قيل: ما الجمع بين قوله: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ (١) ﴿تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ (٢) ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ﴾ (٣)، وقوله: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ (٤) و ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ﴾ (٥).
قيل: تُوفِّي الملائكة: القبض والنزع، وتوفي ملك الموت: الدعاء والأمر، يدعو الأرواح فتجيبه ثم يأمر أعوانه بقبضها، وتوفي الله سبحانه: خلق الموت فيه (٦) والله أعلم، ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾.

= ٤/ ١١٨، ٦/ ٦٠، وابن أبي شيبة في "المصنف" ٧/ ٧٠ (٣٤٢٦٨)، وأبو الشيخ في "العظمة" ٣/ ٩١٨ (٤٥١)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٢٢/ ٢٨٩، ٢٢/ ٢٩٠ بسياق أتم، وذكره الزيلعي في "تخريج أحاديث وآثار الكشاف" ٣/ ٧٨.
(١) الأنعام: ٦١.
(٢) النحل: ٢٨.
(٣) السجدة: ١١.
(٤) الزمر: ٤٢.
(٥) الأنعام: ٦٠.
(٦) من (س)، (ح). قلت: والجمع بين الآيات: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ يعني: الملائكة وهو أعوان ملك الموت كما قال ابن عباس وغيره، وهم يسلون الروح من الجسد، ثم يقبضها ملك الموت ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمنًا وإلى ملائكة العذاب إن كان كافرًا، ويضاف التوفي إِلَى ملك الموت تارة كما في آية السجدة، وتارة إِلَى الملائكة؛ لأنهم يتولون ذلك كما في آية الأنعام، وتارة إِلَى الله وهو المتوفي على الحقيقة، قال القرطبي: ملك الموت يقبض الأرواح والأعوان يعالجون والله يزهق الروح، وهذا هو الجمع بين الآي والحديث، لكنه لما كان ملك الموت متولي ذلك بالوساطة والمباشرة أضيف التوفي إليه، وقوله: ﴿يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ﴾ يقصد بذلك الوفاة الصغرى وهي النَّوم، يدل عليه =


الصفحة التالية
Icon