٤ - ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾
نزلت في أبي معمر جميل بن معمر بن حبيب بن عبد الله الفهري (١)، وكان رجلَا لبيبًا حافظًا لما يسمع، فقالت قريش: ما حفظ أبو معمر هذِه الأشياء إلَّا وله قلبان (٢)، وكان يقول: إن لي

= يلتقيان، لا في منتصف الطريق، ولا أنصاف حلول، فإن الدين هو الدين ﴿فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾، ثم كيف يهم بذلك - ﷺ -وهو الذي نزل عليه قوله تعالى: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾؟ !، وقيل في سبب نزولها كما ذكر ابن إسحاق، وأهل التفسير: أنها نزلت في رهط من قريش منهم: الحارث بن قيس السهمي، والعاص بن وائل، والوليد بن المغيرة، والسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطَّلب بن أسد، وأمية بن خلف، قالوا: يَا محمَّد هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك ونشركك في أمرنا كله، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فإن كان الذي جئت به خيرًا كنا قد شركناك فيه وأخذنا حظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيرًا كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه. فقال: معاذ الله أن أشرك به غيره. قالوا: فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك. فقال: حتَّى أنظر ما يأتي من عند ربي، فأنزل الله عز وجل ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾ إلى آخر السورة، فغدا رسول الله - ﷺ - إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش، فقام على رؤوسهم ثم قرأها عليهم حتَّى فرغ من السورة، فأيسوا منه عند ذلك وآذوه وأصحابه. ثم إنه - ﷺ - خير من عبد الله تعالى ووحده، فهو خاتم النبيين، وإمام الموحدين.
(١) رواه الطبري في "جامع البيان" ٣/ ٣٣١، ٢١/ ١١٨ عن ابن عباس، ومجاهد، ولم يذكر اسم الرَّجل، وعن قتادة.
وقال القرطبي رحمه الله في "الجامع لأحكام القرآن" ١٤/ ١١٦: قال السهيلي: كان جميل بن معمر الجمحي، وهو ابن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، واسم جمح: تيم، وكان يدعى ذا القلبين.
(٢) قال ابن العربي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿مِنْ قَلْبَيْنِ﴾ القلب: بِضْعَة صَغِيرَةُ =


الصفحة التالية
Icon