قال ابن عباس وعطاء: يعني إذا دعاهم النَّبِيّ إلى شيء، ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النَّبِيّ أولى بهم من طاعة أنفسهم.
وقال مقاتل: يعني طاعة النَّبِيّ أولى من طاعة بعضكم بعضًا.
وقال ابن زيد: يقول: النَّبِيّ أولى من أنفسهم كما أَنْتَ أولى بعبدك، فما قضى فيهم من أمر جاز كما كل ما قضيت على عبدك جاز (١).
وقيل: إنه عليه السلام أولى بهم في إمضاء الأحكام، وإقامة الحدود عليهم لما فيه من مصلحة الخلق، والبعد عن الفساد.
وقيل: إنه أولى بهم في العمل على الجهاد، وبذل النفس دونه.
وقالت الحكماء: النَّبِيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم لأن أنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم، والنبي - ﷺ - يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم.
وقال أبو بكر الوراق: لأن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- يدعوهم إلى العقل، وأنفسهم تدعوهم إلى الهوى.
وقال بسام بن عبد الله العراقي: لأن أنفسهم تحترس من نار الدنيا، والنبي يحرسهم من نار العقبى (٢).

(١) رواه الطبري في "جامع البيان" ٢١/ ١٢٢.
(٢) قال القرطبي: قال ابن عطية: ويؤيد هذا قوله عليه الصلاة والسلام: "أنا آخذ بحجزكم عن النَّار، وأنتم تقتحمون فيها تقحم الفراش".
قلت: هذا قول حسن في معنى الآية وتفسيرها، والحديث الذي ذكر أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، وعن جابر مثله وفيه: "وأنتم تفلتون من يدي".. وهذا مثل لاجتهاد نبينا عليه الصلاة والسلام في نجاتنا، وحرصه على تخلصنا من الهلكات التي بين أيدينا، فهو أولى بنا من أنفسنا ولجهلنا بقدر ذلك وغلبة =


الصفحة التالية
Icon