أصبحتم بدار مقام، ولقد هلك الكراع والخف (١)، وأخلفتنا قريظة وبلغنا عنهم ما نكرة، ولقينا من هذِه الريح ما ترون فارتحلوا إنِّي مرتحل. ثم قام إلى جملة وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث، فما أطلق عقاله إلَّا وهو قائم، وسمعت غطفان بما فعلت قريش، فانشمروا (٢) راجعين إلى بلادهم، وهزم الله الأحزاب، وهو قول الله عز وجل ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾.
قال: فرجعت إلى رسول الله - ﷺ - وكأني أمشي في حمام، فأخبرته الخبر، فضحك عليه السلام حتَّى بدت أنيابه في سواد الليل، قال: وذهب عني الدفء، فأدناني النَّبِيّ - ﷺ - فأنامني عند رجليه، وألقى عليَّ طرف ثوبه، وألزق صدري ببطن قدمه (٣).

(١) الكراع: هو ما دون الركْبة من الساق. وفي حديث ابن مسعود (كانوا لا يحبسون إلَّا الكراع والسلاح) الكراع: اسم لجميع الخيل.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٤/ ١٦٤ - ١٦٥ (كرع)، "مختار الصحاح" للرازي (ص ٢٣٦ - ٢٣٧)، (كرع). أراد بالخف الإبل، والخف للبعير كالحافر للفرس. قال الأصمعيّ: الخف: الجمل المسن، وجمعه أخفاف.. والخف أَيضًا: اسم يجمع الإبل، واحد أخفاف البعير.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٢/ ٥٤ - ٥٥ (خفف).
(٢) انشمر للأمر وتشمر أي تهيأ. وانشمروا: من التشمر في الأمر، والتشمير: الهم، وهو الجد فيه والاجتهاد. والانشمار، والاشتمار: المضي والنفوذ.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٢/ ٥٠٠ (شمر). "مختار الصحاح" للرازي (ص ١٤٠ - ١٤٦)، باب الشين، (شمر).
(٣) [٢٢٥٣، ٢٢٥٤] الحكم على الإسناد:
الإسناد الأول: فيه شيخ المصنف لم يذكر بجرح أو تعديل، وأبو سعد البقال =


الصفحة التالية
Icon