بمجتمع الأسيال من رومة، وبغطفان على قادتها وسادتها حتَّى أنزلتهم بذنب نقمى إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني ألا يبرحوا حتَّى يستأصلوا محمدًا ومن معه، فقال له كعب بن أسد؛ جئتني والله بذل الدهر؛ بجهام هراق ماؤه (١)، يرعد ويبرق وليس فيه شيء، فدعني ومحمدًا وما أنا عليه، فلم أر من محمَّد إلا صدقًا ووفاءً. فلم يزل حيي بن أخطب بكعب يفتله في الذروة والغارب (٢) حتَّى سمح له على أن أعطاه عهدًا من الله وميثاقًا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدًا أن أدخل معك في حصنك حتَّى يصيبني ما أصابك،

= انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٣/ ١٣٩ (طمم).
(١) الجهام -بالفتح-: السحاب الذي لا ماء فيه، وقيل: الذي قد هراق ماءه مع الريح، أو السحاب الذي فرغ ماؤه، وقول كعب هنا يعني: الذي تعرضه عليَّ من الدين لا خير فيه كالجهام الذي لا ماء فيه.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ١/ ٣٢٣ (جهم). "لسان العرب" لابن منظور ١٤/ ٣٧٧ - ٣٧٨ (جهم).
(٢) فَتَله: لواه، وفتل وجهه عنهم: صرفه. والذروة: أعلى الشيء. والغارب: ما بين السنام إلى العنق، ومنه قولهم: حبلك على غاربك، أي: اذهبي حيث شئت، وأصله أن الناقة إذا رعت وعليها الخطام ألقي على غاربها لأنها إذا رأته لم يهنها شيء. ويقال: ما زال فلان يفتل فلان في الذروة والغارب: أي يدور من وراء خديعته. وهنا: جعل فتل وبر ذروة البعير وغاربه مثلَا لإزالته عن رأيه، كما يفعل بالجمل النفور إذا أريد تأنيسه وإزالة نفاره.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٢/ ١٥٩ - ١٦٠ (ذرا)، ٣/ ٣٤٨ - ٣٥٢ (غرب) ٣/ ٤١٠ (فتل)، "مختار الصحاح" للرازي (ص ٩٣)، (ذرا)، (ص ١٩٧)، (غرب)، "لسان العرب" لابن منظور ١٤/ ٢٨ - ٢٩ (فتل).


الصفحة التالية
Icon