﴿مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ فلما نزلت هذِه الآية قالت: رضيت يا رسول الله، وجعلت أمرها بيد الله ورسوله - ﷺ -، وكذلك أخوها، فأنكحها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيدًا فدخل بها زيد، وساق إليها رسول الله - ﷺ - عشرة دنانير وستين درهما، وخمارًا وملحفة ودرعًا وإزارًا (١)، وخمسين مدًّا من طعام، وثلاثين صاعًا من تمر.
وقال ابن زيد: نزلت هذِه الآية في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت أول من هاجر من النساء، فوهبت نفسها للنبي - ﷺ - فقال: قد قبلت، فزوجها زيد بن حارثة فسخطت هي وأخوها،
= "شرح السنة" (١٠٤) ولهذا شدد في خلاف ذلك فقال: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ كقوله ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، قال أحمد: الفتنة هي الشرك، لعله إذا ردَّ بعض قوله -أي: النبي - ﷺ - أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك. وسأل طاوس ابن عباس عن ركعتين بعد العصر فنهاه ثم قرأ ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا﴾ الآية. وهذا أدل دليل على ما ذهب إليه الجمهور من فقهائنا، وفقهاء أصحاب الشافعي وبعض الأصوليين من أن صيغة أفعل للوجوب في أصل وصفها، لأن الله تبارك وتعالى نفى خيرة المكلف عند سماع أمره وأمر رسوله - ﷺ -، ثم أطلق على من بقيت له خيرة عند صدور الأمر اسم المعصية، ثم علق على المعصية بذلك الضلال، فلزم حمل الأمر على الوجوب، والله أعلم.
انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١١/ ٧٠، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ١٨٨.
(١) الخمار: ما تغطي به المرأة رأسها، والملحفة: الجلباب، ودرْع المرأة: قميصها. والدراعة، والمدرع واحد. وأدرعها إذا لبسها، والإزار الرداء المعروف. انظر "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ١/ ٢٨١ - ٢٨٣ (جلب)، (أزر)، ٢/ ٤٤ - ٤٥ (خمر)، (درع).
انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١١/ ٧٠، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ١٨٨.
(١) الخمار: ما تغطي به المرأة رأسها، والملحفة: الجلباب، ودرْع المرأة: قميصها. والدراعة، والمدرع واحد. وأدرعها إذا لبسها، والإزار الرداء المعروف. انظر "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ١/ ٢٨١ - ٢٨٣ (جلب)، (أزر)، ٢/ ٤٤ - ٤٥ (خمر)، (درع).