وهذا التأويل يطابق للتلاوة، وذلك أن الله تعالى حكم وأعلم إبداء ما أخفاه، والله لا يخلف الميعاد، ثم لم يجده أظهر من شأنه عند التزويج بقوله تعالى: ﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾، فلو كان الذي أضمره رسول الله - ﷺ - محبتها، وإرادة طلاقها، لكن لا يجوز على الله عز وجل كتمانها، مع وعده أن يظهره، فدل ذلك على أنه عليه السلام عوتب على قوله: ﴿أَمسِك عَلَيكَ زَوجَكَ﴾، مع علمه بأنها ستكون زوجته، وكتمانه ما أخبره الله سبحانه، حيث استبشع (١) واستحيا أن يقول لزيد: إن التي تحتك ستكون امرأتي، والله أعلم.
فهذا قول حسن قوي مرضي، وإن كان القول الآخر لا يقدح في حال النبي - ﷺ -، لأن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذِه الأشياء ما لم يقصد فيها المأثم.
ثم قوله: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا﴾ أي: حاجته من نكاحها (٢).
وأخرج مثله الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ١٣ عن الحسن.
(١) استبشع الشيء أي: عدَّه بشعًا، والبشع: الكريه. ورجل بشع النفس إذا كان خبيث النفس. انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٨/ ١١. "مختار الصحاح" للرازي (ص ٢٢) (بشع).
(٢) وهو قول الطبري، واستشهد بقول الشاعر:
ودعني قبل أن أودعه... لما قضى من شبابنا وطر
أي حاجة، وقضاء الوطر في اللغة: بلوغ منتهى ما في النفس من الشيء، يقال: قضى وطرا منه إذا بلغ ما أراد من حاجته فيه، والمراد هنا: أنه قضى وطره منها =