يستضيء به أهل الدين.
قال جابر بن عبد الله: لما نزلت ﴿وإِنَّا فتَحَنا﴾ (١) الآيات قالت الصحابة رضي الله عنهم: هنيئًا لك يا رسول الله هذِه الفاتحة، فما لنا؟.

= بالوحدانية، وأنه لا إله غيره وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا كقوله: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾. قال الطبري: ومبشرهم بالجنة إن صدقوك وعملوا بما جئتهم به من عند ربك، ﴿وَنَذِيرًا﴾ من النار أن يدخلوها، فيعذبوا بها إن هم كذبوك، وخالفوا ما جئتهم به من عند الله. وقوله: ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ﴾ يقول: وداعيا إلى توحيد الله، وإفراد الألوهية له، وإخلاص الطاعة لوجهه دون كل من سواه من الآلهة والأوثان، وعن قتادة: ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ﴾ إلى شهادة أن لا إله إلا الله. وقوله: ﴿بِإِذْنِه﴾ يقول: بأمره إياك بذلك. ﴿وَسِرَاجًا مُّنِيرًا﴾ يقول: وضياء لخلقه يستضيء بالنور الذي أتيتهم به من عند الله عباده ﴿مُّنِيَرًا﴾ يقول: ضياء ينير لمن استضاء بضوئه، وعمل بما أمره. وإنما يعني بذلك، أنه يهدي به من اتبعه من أمته.
لطيفة: قال القرطبي: ووصفه بالإنارة لأن من السرج ما لا يضيء إذا قل سليطه ودقت فتيلته. قال ابن كثير: وأمرك ظاهر فيما جئت به من الحق كالشمس في إشراقها وإضاءتها، لا يجحدها إلا معاند.
وقد أشار ذكر المفسرين أن هذِه الآية اشتملت على ست من أسماء النبي - ﷺ -، وقد ذكر أبو بكر بن العربي في "أحكامه" في هذِه الآية من أسماء النبي - ﷺ - سبعة وستين اسما. وروى البخاري، ومسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما: لما نزلت ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ الآية وقد كان أمر عليّا ومعاذًا رضي الله عنهما أن يسيرا إلى اليمن فقال: "انطلقا فبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا". انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١١/ ١٨٧، "جامع البيان" للطبري ٢٢/ ١٨، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ٢٠١.
(١) الفتح: ١.


الصفحة التالية
Icon