وقال ابن عباس: يبركون (١).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ (٢) ترحموا عليه وادعوا له.

= وقد جرت عادة جمهور هذِه الأمة والسواد الأعظم من سلفها وخلفها على الترضي عن الصحابة والترحم على من بعدهم والدعاء لهم بمغفرة الله وعفوه كما أرشدنا إلى ذلك بقوله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾.
انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١١/ ٢٣٧ - ٢٣٨.
(١) رواه الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ٤٣، عن ابن عباس.
(٢) مسألة: وقد اختلف أهل العلم في الصلاة على النبي - ﷺ - هل هي واجبة أم مستحبة؟ فاتفقوا على أن الصلاة عليه فرض في العمر مرة. وقد حكى هذا الإجماع القرطبي "الجامع لأحكام القرآن". وقال قوم من أهل العلم: إنها واجبة عند ذكره، وقال قوم: تجب في كل مجلس مرة. وقد وردت أحاديث مصرحة بذم من سمع ذكر النبي - ﷺ - فلم يصل عليه.
مسألة: ثم إن العلماء قد اختلفوا في الصلاة على النبي - ﷺ - في تشهد الصلاة المفترضة هل هي واجبة أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنها فيها سنة مؤكدة غير واجبة. قال ابن المنذر: يستحب أن لا يصلي أحد صلاة إلَّا صلى فيها على رسول الله - ﷺ -، فإن ترك ذلك تارك فصلاته مجزئة في مذهب مالك، وأهل المدينة، وسفيان الثوري، وأهل الكوفة من أصحاب الرأي وغيرهم، وهو قول الجمهور أهل العلم. قال: وشذ الشافعي فأوجب على تاركها الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان، وهذا القول عن الشافعي لم يروه عنه إلَّا حرملة بن حيي ولا يوجد عن الشافعي إلَّا من روايته. قال الطحاوي: لم يقل به أحد من أهل العلم غير الشافعي. وقال الخطابي، وهو من الشافعية: أنها ليست بواجبة في الصلاة، قال: وهو قول جماعة الفقهاء إلَّا الشافعي ولا أعلم له في ذلك قدوة. انتهى. وقد قال بقول الشافعي جماعة من أهل العلم منهم الشعبي والباقر ومقاتل بن حيان، وإليه ذهب أحمد بن حنبل أخيرًا، كما حكاه أبو زرعة الدمشقي، وبه قال ابن =


الصفحة التالية
Icon