(علامِ الغيب) بكسر (١) الميم على وزن فعّال، وهي قراءة عبد الله وأصحابه. قال الفرّاء: وكذلك رأيتها في مصحف عبد الله: (علام).
وقرأ أهل مكة والبصرة (٢)، وعاصم ﴿عالمِ﴾ بجرِّ الميم على مثال فاعلِ، ردًّا على قوله: ﴿وربي﴾ وهو (٣) اختيار أبي عبيد فيه، وفي أمثاله يؤثر النعوت على الابتداء.

= في جهنم؛ كل هذا من الإيمان بالغيب. وأخبار الرسل مع أقوامهم هي لمن بعدهم من أحاديث الغيب، كما قال جل ذكره خطابًا للنبي - ﷺ -بعد ما قص عليه من أنباء نوح -عليه السلام-: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)﴾ [هود: ٤٩] وبعد ما قص عليه ربنا سبحانه من أنباء الكليم -عليه السلام- قال له: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٤)﴾ [القصص: ٤٤] وبعد ما قص عليه من أنباء الطاهرة مريم عليها السلام قال له: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤)﴾ [آل عمران: ٤٤] فكل هذِه الأحداث سماها القرآن غيبا؛ إذ هي كذلك بعد انقضاء الأعوام وعلة وقوعها وزوال الأعيان.
وقوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾ قال الحليمي: معناه أنه يدرك الأشياء على ما هي عليه، وإنما وجب أن يوصف -سبحانه وتعالى- بالعالم؛ لأنه قد ثبت أن ما عداه من الموجودات فعل له، وأنه لا يمكن فعل إلا باختيار وإرادة، والفعل على هذا الوجه لا يظهر إلا من عالم، كما لا يظهر إلا من حي.
"المناهج" ١/ ١٩١. فقوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾ أي المختص بعلم الغيب، فلا يشاركه فيه أحد. انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب (٥٨١).
"معجم مقاييس اللغة" لابن فارس ٤/ ٤٠٣ ببعض تصرف.
(١) في (م): بخفض.
(٢) من (م).
(٣) في (م): وهي.


الصفحة التالية
Icon