ثم بيّن حال موافقيه ومخالفيه فقال عز من قائل:
٧ - ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧)﴾
٨ - ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾
أي: شُبِّه ومُوِّه عليه، وحسن له (١) ﴿سُوءُ عَمَلِهِ﴾ قبيح فعله.
_________
= ليكونوا من أصحاب السعير: أي: ليسوقهم إلى النَّار، فهذِه عداوته. وعن ابن زيد قال: هؤلاء حزبه من الإنس، يقول: أولئك حرب الشيطان، والحزب: ولاته الذين يتولاهم ويتولونه، وقرأت ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾.
(١) في هذِه الآية أربعة أقوال:
أحدها: أنَّهم اليهود والنصارى والمجوس؛ قال أبو قلابة. ويكون، ﴿سُوءُ عَمَلِهِ﴾ معاندة الرسول عليه الصلاة والسلام.
الثاني: أنَّهم الخوارج؛ رواه عمر بن القاسم. يكون ﴿سُوءُ عَمَلِهِ﴾ تحريف التأويل.
الثالث: الشيطان؛ قاله الحسن ويكون ﴿سُوءُ عَمَلِهِ﴾ الإغواء.
الرابع: كفار قريش؛ قاله الكلبي. ويكون ﴿سُوءُ عَمَلِهِ﴾ الشِّرك. وقال: إنها نزلت في العاص بن وائل السهمي والأسود بن المطَّلب. وقال غيره: نزلت في أبي جهل بن هشام. قال القرطبي: والقول بأن المراد كفار قريش أظهر الأقوال؛ لقوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾، وقوله ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾، وقال: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (٦)﴾، وقوله: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾، وقوله في هذه الآية: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ وهذا ظاهر بين، أي: لا ينفع تأسفك على مقامهم على كفرهم، فإن الله أضلهم. وهذِه الآية ترد على القدرية قولهم؛ أي: أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا تريد أن تهديه، وإنما ذلك إلى الله لا إليك، والذي إليك هو التبليغ. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ٣٢٥.


الصفحة التالية
Icon