والصالحين؛ لكي إذا رآهم الناس (١) مُصَوَّرِين عبدوا عبادتهم.

= قال: "إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون خلق الله". قالت عائشة: فقطعته، فجعلت منه وسادتين. وقالت عائشة: كان لنا ثوب ممدود على سهوة فيها تصاوير، فكان النبي - ﷺ - يصلي إليه، ثمَّ قال: أخريه عني، فجعلت منه وسادتين؛ فكان النبي - ﷺ - يرتفق بهما، وفي رواية في حديث النمرقة قالت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها؛ فقال: "إن أصحاب هذِه الصور يعذبون يوم القيامة، وإن الملائكة لا يدخلون بيتا فيه صورة".
قال القاضي: فتبين بهذِه الأحاديث أن الصور ممنوعة على العموم، ثمَّ جاء: "إلا ما كان رقما في ثوب"، فخص من جملة الصور، ثمَّ بقول النبي - ﷺ - لعائشة في الثوب المصور: "أخريه عني، فإني كلما رأيته ذكرت الدنيا" فثبتت الكراهة فيه. ثمَّ منع النبي - ﷺ - عائشة من استخدام الثوب المصور، ثمَّ بقطعها لها وسادتين حتى تغيرت الصورة وخرجت عن هيئتها بأن جواز ذلك إذا لم تكن الصورة فيه متصلة الهيئة، ولو كانت متصلة الهيئة لم يجز لقولها في النمرقة المصورة: اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها، فمنع منه وتوعد عليه، وتبين بحديث الصلاة إلى الصورة أن ذلك كان جائزا في الرقم في الثوب، ثمَّ نسخه المنع، فهكذا استقر فيه الأمر. والله أعلم.
وقد استثني من هذا الباب لشعب البنات؛ لما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي تزوجها وهي بنت سبع سنين، وزفت إليه وهي بنت تسع ولعبها معها، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة. وعنها أيضاً قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي - ﷺ - وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله - ﷺ - إذا دخل ينقمعن منه فيسربهن إلى فيلعبن معي. خرجهما مسلم. قال العلماء: وذلك للضرورة إلى ذلك وحاجة البنات حتى يتدربن علي تربية أولادهن. ثمَّ إنه لا بقاء لذلك، وكذلك ما يصنع من الحلاوة أو من العجين لا بقاء له، فرخص في ذاك، والله أعلم. انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي ١١/ ١٦٠٠ - ١٦٠٢، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ٢٧٣.
(١) سقطت من (م).


الصفحة التالية
Icon