هو الذي يبذل لعبده النعمة، فوق الهمّة ويكلفه الطاعة دون الطاقة، وقيل: هو الذي لا يعاجل من عصاه ولا يخيب من رجاه. وقيل: هو الذي لا يرد سائله ولا يؤيّس آمله. وقيل: هو الذي يعفو عمن يهفو. وقيل: هو الذي يرحم من لا يرحم نفسه، وقيل: هو الذي يعين على الخدمة، ثم يكثر المدحة. وقيل: هو الذي أوقد في أسرار عارفيه من المشاهدة سراجًا، وجعل الصراط المستقيم لها منهاجًا، وأنزل عليهم من سحائب بره ماءً ثجاجًا.
﴿يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ﴾ كما يشاء من شاء موسعًا، ومن شاء مقترًا، ومن شاء قليلاً ومن شاء كثيرًا، ومن شاء حلالاً، ومن شاء حراماً، ومن شاء في خفض ودعة، ومن شاء في كد وعناء، ومن شاء في بلده ومن شاء في غربة، ومن شاء بحساب ومن شاء بغير حساب. ﴿وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾.
٢٠ - قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾ يعني: يريد بعمله الآخرة.
﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ بالتضعيف بالواحد عشرة إلى ما شاء الله من الزيادة ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا﴾ بعمله الدّنيا ﴿نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾.
قال قتادة: يقول: من عمل لآخرته نزد له في حرثه، ومن آثر دنياه على آخرته، لم يجعل الله له نصيبًا في الآخرة إلّا النّار، ولم يصب من الدّنيا شيئاً إلّا رزقاً قد فرغ منه وقسم له.


الصفحة التالية
Icon