رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - وصلة رحمه. فلما هاجر إلى المدينة وآواه الأنصار ونصروه وعزروه أحبّ الله أن يلحقه بإخوانه من الأنبياء عليهم السَّلام حيث قالوا: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠٩)﴾ (١)، فأنزل الله: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾ (٢)، فهي منسوخة بهذِه الآية وبقوله: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦)﴾ (٣)، وقوله: ﴿وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (١٠٤)﴾ (٤)، وقوله: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ﴾ (٥)، وقوله: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠)﴾ (٦) وإلى هذا القول ذهب الضَّحَّاك بن مزاحم والحسن بن الفضل.
وهذا قولٌ غير مرضي ولا قوي، وإن ما حكيناه من أقاويل أهل التأويل في هذِه الآية لا يجوز أن يكون واحد منها منسوخًا، وكفى قبحًا بقول من زعم أنّ التقريب إلى الله تعالى بطاعته ومودة نبيه وأهل بيته منسوخ، والدليل على صحة ما ذهبنا فيه.
[٢٦١٤] ما أخبرنا أبو محمَّد عبد الله بن حامد الأصبهاني (٧) قال:

(١) الشعراء: ١٠٩.
(٢) سبأ: ٤٧.
(٣) ص: ٨٦.
(٤) يوسف: ١٠٤.
(٥) المؤمنون: ٧٢.
(٦) القلم: ٤٦.
(٧) أبو محمَّد الماهاني الأصبهاني، الوزَّان، الواعظ، لم يذكر بجرح أو تعديل.


الصفحة التالية
Icon