-- بالعمرة وساق معه الهدي ليُعلِم النّاس أنّه لا يريد حربًا، فتثاقل عنه كثير من الأعراب، وقالوا: نذهب معه إلى قوم، قد جاءوه، فقتلوا أصحابه، فنقاتلهم، فتخلّفوا عنه، واعتلُّوا بالشغل، فأنزل الله تعالى: -ayah text-primary">﴿سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ﴾ الذين خلّفهم الله عن صحبتك (١)، وخِدمَتِك في وجهتك وعمرتك إذا انصرفت إليهم، فعاتبهم على التخلّف عنك -ayah text-primary">﴿شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا﴾ (٢).
ثمّ كذّبهم في اعتذارهم واستغفارهم، وأخبر عن إسرارهم وإضمارهم (٣)، فقال: ﴿يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا﴾ قرأه حمزة والكسائي وخلف بضمّ (الضاد)، وقرأ الباقون بالفتح (٤)، واختاره أبو عبيد، وأبو حاتم، قالا: لأنّه قابله بالنفع، والنفع ضدّ الضرّ (٥).
﴿أَوْ أَرَادَ﴾ الله ﴿بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾.

(١) في (ت): محبتك.
(٢) "تفسير مجاهد" (ص ٦٠١) بنحوه، وأخرجه الطبري في "تفسيره" ٢٦/ ٧٧ عن مجاهد بنحوه، وذكره البغوي في "تفسيره" ٧/ ٣٠٠، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٦٨، والخازن في "تفسيره" ٤/ ١٤٧، والثعالبي في "تفسيره" ٣/ ٢٠٠.
(٣) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي ٧/ ٣٠١، "البحر المحيط" ٨/ ٩٣.
(٤) "المبسوط" (ص ٣٤٦)، "تحبير التيسير" (ص ٥٦٠)، "النشر" (ص ٦٣٥).
(٥) ذكر قول أبي عبيد النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٩٩، وانظر "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٦/ ٢٦٩.


الصفحة التالية
Icon