وكانت سَمُرة (١)، ويروى أنّ عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - مَرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة، فقال: أين كانت؟ فجعل بعضهم يقول: هاهنا، وبعضهم هاهنا، فلمّا كثر اختلافهم قال: سيروا، هذا التكلَّف! قد ذهبت الشجرة، إما ذهب بها السيل وإمّا شيء سوى ذلك (٢).
وكان سبب هذِه البيعة أنّ رسول الله - ﷺ - دعا خِراشَ بن أُمية الخزاعي (٣) - رضي الله عنه -، فبعثه إلى قريش بمكّة، وحمله على جملٍ له يقال له: الثعلب، ليُبَلّغَ أشرافهم عنه ما جاء له، وذلك حين نزل الحديبية. فعقَروا به جملَ رسولِ الله - ﷺ -، وأرادوا قتله فمنَعَته الأحابيشُ، فخلَّوا سبيله حتّى أتى رسول الله - ﷺ -، فدعا رسول الله - ﷺ - عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - ليَبعَثَه إلى مكّة، فقال: يا رسول الله إنّي أخاف قريشًا على نفسي، وليس بمكّة من بني عَدِي بن كعب أحد يمنعُني، وقد عَرِفَت قريش عداوتي إيّاها، وغِلظتي عليهم، ولكنّي أَدُلُّك على رجل هو أعزُّ بها منّي، عثمان بن عفّان، فدعا رسول الله - ﷺ - عثمان - رضي الله عنه -. فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يُخبِرُهم أنّه لم

(١) السَّمُرة: هو ضربٌ من شجَرَ الطَّلح الواحدة سَمُرة. انظر: "النهاية" لابن الأثير ٢/ ٣٩٩.
(٢) ذكره الطبري في "تفسيره" ٢٦/ ٨٧، البغوي في "تفسيره" ٧/ ٣٠٤ بنحوه.
(٣) خِرَاش بن أمية بن ربيعة الخزاعي، ثم الكلبي، أبو نضلة، حلق رأس رسول الله - ﷺ - في الحديبية أو في العمرة التي تليها، توفي في آخر خلافة معاوية - رضي الله عنه -. انظر: "الاستيعاب" ١/ ١٣٢، "الإصابة" ٢/ ٢٦٩.


الصفحة التالية
Icon