قال أبو رافع - رضي الله عنه - مولى رسول الله - ﷺ -: خرجنا مع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حين بعثه رسول الله - ﷺ - برايته، فلمّا دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من اليهود، فطرح ترسه من يده، فتناول علي - رضي الله عنه - بابا كان عند الحصن، فتترّس به عن نفسه، فلم يزل في يده، وهو يقاتل حتّى فتح الله تعالى عليه، ثمّ ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نَقلِبَ ذلك الباب، فما نقلبه (١).
ثمّ لم يزل رسول الله - ﷺ - يفتتح الحُصون حصنا حصنا، ويحوز الأموال حتّى انتهوا (٢) إلى حصن الوَطِيح والسُّلالِم، وكان آخر حصون خيبر افتتح، فحاصرهم رسول الله - ﷺ - بضع عشرة ليلة (٣).
فلمّا أمسى النّاس يوم الفتح أوقدوا نيرانا كثيرة، فقال رسول الله - ﷺ -" على أيِّ شَيءٍ تُوقِدُون؟ " قالوا: على لحَمٍ، قال: "على أيِّ لحمٍ؟ " قالوا: لَحمِ الحُمُرِ الإنسِيةِ. فقال رسول الله - ﷺ -: "أهرِيقُوهَا واكسِرُوها". فقال رجل: أَوَنُهريقُها ونغسِلُها؟ فقال: "أو ذاك" (٤).
قال ابن إسحاق: ولمّا افتتح رسول الله - ﷺ - القَمُوص حصن أبي

(١) ذكره ابن هشام في "السيرة النبوية" ٣/ ٢١٦ عن ابن إسحاق.
(٢) في (م): انتهى.
(٣) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام ٣/ ٢١٤ عن ابن إسحاق، بنحوه.
(٤) قصة الحمر الإنسية قطعة من حديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب المغازي، باب: غزوة خيبر (٤١٩٦) من طريق حاتم بن إسماعيل به بنحوه.


الصفحة التالية
Icon