قال: فبينما هم كذلك، إذ جاء بُدَيل بن وَرقاءَ الخُزاعي (١) في نفرٍ من قومه، وكانت خزاعة عَيبةَ نُصحِ (٢) رسول الله - ﷺ - مِن أهلِ تِهامة، فقال: إنّي تركتُ كعب بن لؤي، وعامرَ بن لؤي قد نزَلوا أعَداد مياه الحديبية، معهم العُوذُ المَطافيل، وهم مُقَاتِلوك، وصادّوك عن البيت.
فقال النبيّ - ﷺ -: "إنّا لم نَأتِ لقتال أحدٍ، ولكن جِئنا مُعتَمِرين، وإنّ قريشًا قد نهِكَتهُمُ الحربُ، وأضَرَّت بهم، فإن شاؤوا مادَدناهم مدةً، ويُخَلُّوا بيني وبين الناس، فإن أظهَر، فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلاّ فقد حموا (٣) [وإن هم أبوا] (٤) فوالله لأُقاتلنّهم على أمري هذا، حتّى تنفرد سالِفَتي أو ليُنفِذَنّ الله تعالى أمره".
فقال بُديل: سنبلغهم ما تقول.
فانطلق حتّى أتى قريشًا، فقال: إنّا قد جئناكم من عند هذا الرجل، وسمعناه يقول قولًا، فإن شئتم أن نَعرِضَهُ عليكم فَعَلنَا، فقال سُفَهَاؤُهُم: لا حاجة لنا في أن تحدّثنا عنه بشيء، وقال ذَوو

(١) هو: بديل بن ورقاء بن عمرو الخزاعي - رضي الله عنه -، كان إسلامة قبل الفتح، وقيل يوم الفتح.
انظر: "الاستيعاب" ١/ ١٦٥، "الإصابة" ١/ ١٤١.
(٢) عَيبة نُصحِ: قال ابن حجر: العيبة ما توضع فيه الثياب لحفظها، أي أنهم موضع النصح له والأمانة على سره انظر: "فتح الباري" ٥/ ٣٣٧.
(٣) في المصادر: جَمُّوا.
(٤) هذِه الجملة ساقطة من النسخ، ويتطلبها السياق، فأثبتها من المصادر.


الصفحة التالية
Icon