الحليس عند ذلك، وقال: يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم، ولا على هذا عاقدناكم أن تصدّوا عن بيت (١) الله عز وجل من جاءه معظّمًا له، والذي نفس الحليس بيده، لتخلنّ بين محمّد، وبين ما جاء له، أو لأنفرنّ بالأحابيش نفرة رجل واحد، فقالوا له: مه، كُفّ عنّا يا حليس حتّى نأخذ لأنفسنا بما نرضى به.
فقام رجلٌ منهم يقال له: مِكرَزُ بنُ حَفصٍ (٢)، فقال: دَعُوني آتِهِ، فقالوا: أتيه. فلمّا أشرَفَ عليهم، قال النبي - ﷺ -: "هذا مِكرَزٌ بن حفص، وهو رَجُل فَاجِرٌ"، فجعل يُكَلّمُ النبيّ - ﷺ - إِذ جاءَ سُهَيلُ بن عَمرٍو فلمّا رآه النبيّ - ﷺ - قال: "قد سَهُلَ لَكُم مِن أمرِكم القوم يأتون إليكم بأرحامهم (٣)، وسائلوكم الصلح، فابعثوا الهدي وأظهروا التلبية لعلّ ذلك أن يليّن قلوبهم"، فلبّوا من نواحي العسكر حتّى ارتجّت أصواتهم بالتلبية، فجاءوا، فسألوا الصلح (٤).
وقال سهيل: هَاتِ نكتب بيننا وبينك كتابًا، فدعا رسول الله - ﷺ - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال: "اكتب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فقال سهيل: أما الرّحمن فلا أدري ما هو، ولكن اكتب بِاسمكَ

(١) في (ت): سبيل.
(٢) هو: مكرز بن حفص بن الأخيف القرشي العامري، ذكره ابن حبان في الصحابة وقال: يقال له صحبة. انظر: "الثقات" لابن حبان ٣/ ٣٩٢، "الإصابة" ٣/ ٤٥٦.
(٣) في (ت): بأرحامكم.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢٦/ ٩٦ - ٩٧، وفي "تاريخه" ٢/ ١٢٠ من حديث سلمة بن الأكوع عن أبيه.


الصفحة التالية
Icon