بأصحابك، فأقمت بها (١) ثلاثًا، ولا تدخلها بالسّلاح إلاّ بالسيوف في القرب (٢)، وسلاح الراكب، وعلى أنّ هذا الهدي حيث ما حبسناه محلّه، لا تقدمه علينا، فقال لهم رسول الله - ﷺ -: "نحن نسوقه، وأنتم تردون وجوهه".
قال: فبينا رسول الله - ﷺ - يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو، إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو (٣)، يَرسُفُ (٤) في قُيودِهِ، قد انفلت، وخرج من أسفلِ مكّة حتّى رَمَى بِنفسِهِ بين أظهُرِ المسلمين، فلمّا رأى سهيل أبا جندل، قام إليه، فضرب وجهه، وأخذ بتلبيبه (٥)، وقال: يا محمّد قد تمّت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، فهذا أوّل من أقاضيك عليه، أن تَرُدَّه إلينا؟ ثمّ جعل يجرّه ليرده إلى قريش،

(١) في (م): فيها.
(٢) في (م) و (ت): القراب.
(٣) هو: أبو جندل بن سهيل بن عمرو القرشي العامري - رضي الله عنه -، قيل اسمه عبد الله، وكان من السابقين إلى الإسلام وممن عذب بسبب إسلامه، واستشهد أبو جندل باليمامة وهو ابن ثمان وثلاثين سنة. انظر: "الاستيعاب" ٤/ ٣٣، "الإصابة" ٤/ ٣٤.
(٤) يرسف: الرّسْفُ والرّسيفُ: مَشيُ المُقَيَّد إذا جاء يتحاملُ برِجْله مع القَيد. "النهاية" لابن الأثير ٢/ ٢٢٢.
(٥) تلبيبه: يقال: لَبَبْتُ الرجُل ولبَّبْتُه إذا جَعَلَتَ في عُنُقه ثَوْبًا أو غيره وجَرَرْته به. وأخَذْتُ بِتَلْبيب فلان إذا جَمَعْتَ عليه ثوبه الذي هو لابسُه وقَبَضْت عليه تَجُرّه والتَّلْبِيب: مَجْمَع ما في موضع اللبَب من ثياب الرجل. "النهاية" لابن الأثير ٤/ ٢٢٣، "لسان العرب" ١/ ٧٣٣.


الصفحة التالية
Icon