السيف، حتّى وقف على رسول الله - ﷺ -، فقال: يا رسول الله وفت ذمّتك أسلمتني ورددتني إليهم ثمّ أنجاني الله تعالى منهم، فقال النبيّ - ﷺ -: "ويلُ أُمِّه مِسعَرَ (١) حَربٍ لو كان معه رجال" (٢).
فلمّا سمع ذلك عرف أنّه سيردّه إليهم، فخرج أبو بصير - رضي الله عنه - حتّى أتى سيف البحر، فنزل بالعيّص (٣) (٤) من ناحية ذي المروة، على ساحل البحر بطريق قريش، الذي كانوا يأخذون إلى الشام.
وبلغ المسلمين الذين كانوا حبسوا بمكّة قول رسول الله - ﷺ - لأبي بصير: "ويل أُمّه مسعر حرب لو كان معه رجال"، فخرج عصابة منهم إليه، وانفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو - رضي الله عنه - فلحق بأبي بصير - رضي الله عنه - حتّى اجتمع إليه قريب من سبعين رجلًا منهم، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلاّ اعترضوا لهم فقتلوهم، وأخذوا أموالهم، حتّى ضيّقوا على قريش، فأرسلت قريش إلى النبيّ - ﷺ - يناشدونه الله، والرحم، لمّا أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمن، فآواهم النبي - ﷺ -

(١) المِسْعَرُ: بالكَسْر، ما سُعِرَتْ به، أَي النّارُ، أَي ما تُحَرّكُ به النارُ من حَدِيد أَو خَشَب، ومن المَجَاز: المِسْعَرُ: (مُوقِدُ نارِ الحَرْب)، يقال: هو مِسْعَرُ حَرْب إِذا كان يُؤَرِّثُهَا، أَي تَحْمَى به الحَرْب. "تاج العروس" للزبيدي ١٢/ ٣٠.
(٢) هنا تنتهي النسخة المصرية.
(٣) في (ت): بالغيض.
(٤) العِيصُ: بكسر العين، وَادٍ لِجُهَيْنَةَ بَيْنَ المَدِينَةِ وَالْبَحْرِ، يَصُبُّ فِي إضَمٍ مِنْ اليَسَارِ مِنْ أَطْرَافِ جَبَلِ الأَجْرَدِ الغَرْبِيَّةِ وَمِنْ الجِبَالِ المُتَّصِلَةِ بِهِ، وَمِنْ حِرَارٍ تَقَعُ بَيْنَ إضَمٍ وَينْبُعَ، وَفِيهِ عُيُونٌ وَقُرى كَثيرَةٌ، وإلى الآن يعرف بهذا الاسم وَبِهِ مَرْكَزُ إمَارَةٍ وَمَدَارِسُ وَشُرْطَة وَمَحْكَمَةٌ شَرْعِيَّةٌ. "معجم المعالم الجغرافية" ص ١٤٨.


الصفحة التالية
Icon