اختيار أبي حاتم، وفي الحديث: "لا تماروا في القرآن فإنَّ المراء فيه كفر" (١).
١٣ - ﴿وَلَقَدْ رَآهُ﴾ يعني: رأى محمد ربَّه في قول ابن عباس - رضي الله عنهما- وأصحابه.
وقيل: رأى جبريل عليه السلام (٢) (٣) ﴿نَزْلَةً أُخْرَى﴾ أي: مرةً أخرى سمَّاها نزلة على الاستعارة، وذلك أنَّ جبريل عليه السلام رآه النبي - ﷺ - على صورته التي خلق عليها مرتين: مرةً في الأرض بالأفق الأعلى له ستمائة جناح وقد مدَّ أجنحته ما بين المشرق والمغرب. ومرةً عند سدرة المنتهى في السماء، وهذا قول عائشة - رضي الله عنها - (٤) وأكثر العلماء، وهو الاختيار، لأنه قرن الرؤية بالمكان. فقال: ﴿عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤)﴾ ولأنه قال: ﴿نَزْلَةً

(١) أخرج أبو داود بنحوه في كتاب السنة، باب النهي عن الجدال في القرآن (٤٦٠٣).
(٢) ينظر: "جامع البيان" للطبري ٢٧/ ٥١، "الوسيط" للواحدي ٤/ ١٩٥، "معالم التنزيل" للبغوي ٧/ ٤٠٣.
(٣) وقع في هامش اللوحة (ب) ما نصه: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)﴾ في المرئي المذهبان والمعتمد أنه رأى ربه، قال ابن عباس - رضي الله عنهما- لأنَّ النبي - ﷺ - كانت له عرجات تلك الليلة لتخفيف الصلوات فرأى في بعضها ربه، والنزلة ظرف لها، فعلة من النزول وهي للمرة، فأقيمت مقامها ونصبت نصبها، وفيها شعار بأنَّ هذِه الرؤية كانت أيضًا بنزول ودنو عند سدرة المنتهى إليها ينتهي علم الخلائق وأعمالهم، وفي حديث رواه مسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يعرج من الأرواح فتقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها فيقبض منها... من تفسير عطية المكي.
(٤) سيأتي تخريجه.


الصفحة التالية
Icon