قال الحسن: سابقو من مضى أكثر من سابقينا، فلذلك قال: ﴿وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤)﴾، وقال في أصحاب اليمين وهم سوى السابقين: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)﴾ (١).
ولذلك قال النبي - ﷺ -: "إني لأرجو أن تكون أمتي شطر أهل الجنة" (٢) ثم تلا: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)﴾.
وقال أبو بكر رضي الله عنه: كل الثُّلَّتَيْن من أمة محمد - ﷺ -، فمنهم من هو في أول أمته، ومنهم من هو في آخرها (٣)، وهو مثل قوله عز وجل: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ (٤) وقيل: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ

(١) انظر نصه في "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٢٠٠، ونسبه ابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ١٥/ ٣٣٣٠ لابن عباس، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ٢١٧ وعزاه لابن المنذر.
(٢) أخرجه الإمام البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى﴾ (٤٧٤١) مرفوعًا بمعناه مطولًا، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيمان باب قوله: "يقول الله لآدم أخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين" (٣٧٩) بمعناه.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" ٣/ ٣٣ (١١٢٨٤) بمعناه، والبيهقي في "شعب الإيمان" ١/ ٣٢٢ (٣٦١) بمعناه، جميعهم من حديث أبي سعيد الخدري.
وأخرجه الإمام البخاري في كتاب الرقاق، باب كيف الحشر بمعناه (٦٥٢٨)، وكتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي - ﷺ - بمعناه (٦٦٤٢)، والإمام مسلم في كتاب الإيمان، باب كون هذِه الأمة نصف أهل الجنة بمعناه (٢٢١)، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" كما في "الإحسان" ٦/ ٤٤٩ (٧٤٦٩)، بمعناه، جميعهم من حديث عبد الله بن مسعود.
(٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٢٠١.
(٤) فاطر: ٣٢.


الصفحة التالية
Icon