وقيل: ﴿فَاسْتَوَى﴾ أي: قام في صورته التي خلقه الله تعالى عليها، وذلك أنه كان يأتي النبي - ﷺ - في صورة الآدميين كما يأتي إلى الأنبياء عليهم السلام، فسأله رسول الله - ﷺ - أن يُريه نفسَه على صورته التي جبله الله تعالى عليها، فأراه نفسه مرتين، مرة في الأرض، ومرة في السماء، فأما في الأرض ففي الأفق الأعلى، وذلك أنَّ النبي - ﷺ - كان بِحراء فطلع له جبريل عليه السلام من المشرق فسد الأفق إلى المغرب فخرَّ رسول الله - ﷺ - مغشيًا عليه فنزل جبريل عليه السلام إليه في صورة الآدميين وضمه إلى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه (فلما أفاق النبي - ﷺ -، قال: "يا جبريل، ما ظننت أنَّ الله تعالى خلق أحدًا على مثل هذِه الصورة". فقال: يا محمد، إنما نشرت جناحين من أجنحتي، وإنَّ لي ستمائة جناح سعَةُ كل جناح ما بين المشرقين إلى المغربين. فقال: "إنَّ هذا لَعظيم". فقال جبريل عليه السلام: وما أنا في جنب ما خلق الله عز وجل إلاَّ يسير، ولقد خلق الله سبحانه إسرافيل عليه السلام له ستمائة جناح كل جناح منها قدر جميع أجنحتي وإنه ليتضاءل أحيانًا مِن مخافة الله تعالى حتى يكون بقدر الوضع (١)، يعني: العصفور الصغير) (٢) يدل عليه قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣)﴾ (٣).

(١) أورده القرطبي بدون سند، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٨٧.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ح).
(٣) التكوير: ٢٣.


الصفحة التالية
Icon