في صدر الإسلام لرسول الله - ﷺ - يصنع فيها ما يشاء كما قال تعالى في الأنفال: ﴿قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ (١) ثم نُسخ ذلك بقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ الآية (٢)، فجعل الله أربعة أخماسها للغانمين تقسم بينهم فأما ما كان من النقود والعروض والأمتعة والثياب والكراع والدواب، فإنَّها تقسم بينهم ولا تحبس عليهم، فأما العقار فاختلف الفقهاء فيه:
فقال مالك رحمه الله: للإمام أن يحبس الأراضي عنهم ويجعلها وقفًا على مصالح المسلمين (٣).
وقال أبو حنيفة رحمه الله: الإمام مخيَّر بين أن يقسمها بينهم وبين أن يحبسها عليهم ويجعلها وقفًا على مصالح المسلمين.
وقال الشافعي رحمه الله: ليس للإمام حبسها عنهم بغير رضاهم وحكمها حكم سائر الأموال، وهو الاختيار (٤)، لأنَّ الله -عز وجل- أخرج الخمس منها بعدما أضاف إليهم الجميع بقوله: ﴿غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ فدلَّ على أنَّ الباقي لهم وحقهم، وأما الخمس الباقي فينقسم

= انظر: "لسان العرب" لابن منظور (سهم).
(١) الأنفال: ١.
(٢) الأنفال: ٤١، وانظر: "المغني" لابن قدامة ٩/ ٢٨٣ ما سبق من قوله: واعلم أنَّ جملة الأموال. "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٨/ ١٥.
(٣) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي ١٠/ ٤٤٨ - ٤٥٠، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٨/ ١٥.
(٤) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي ١٠/ ٤٥٠.


الصفحة التالية
Icon