وقال الكلبي: قال المؤمنون يا رسول الله، لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لسارعنا إليه وفعلناه (١)، فنزل: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (٢)، ثم انقطع الكلام ولم يبين لهم، فمكثوا بعد ذلك زمانًا ما شاء الله أن يمكثوا وهم يقولون: ليتنا نعلم ما هي، أما والله إذًا لاشتريناها بالأموال والأنفس والأهلين، فدلَّهم الله تعالى عليها بقوله: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (٣)، فابتلوا بذلك يوم أحد ففرُّوا عن رسول الله - ﷺ - حتى صرع وشجَّ في وجهه وكُسِرَتْ رباعيته، فنزلت هذِه الآية يعيِّرهم بترك الوفاء (٤).
وقال محمد بن كعب: لما أخبر الله سبحانه رسوله - ﷺ - بثواب شهداء بدر، قالت الصحابة: اللَّهمَّ اشهد لئن لقينا قتالًا لنفرغن فيه وسعنا ففرُّوا يوم أحد، فعيَّرهم الله -عز وجل- بذلك بهذِه الآية (٥).
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: كان ناس من المسلمين قبل أن يفرض

= النزول" (ص ٤٤٧) ولم ينسبه، "الوسيط" للواحدي ٤/ ٢٩١، "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ١٠٧، "المحرر الوجيز" لابن عطية ٥/ ٣٠١، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ٢١٢، وعزاه لابن المنذر وابن مردويه.
(١) انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن أبي حاتم ١٠/ ٣٣٥٤، ونسبه لسعيد بن جبير.
(٢) الصف: ١٠.
(٣) الصف: ١١.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٦٣، ولم ينسبه "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٨/ ٧٧.
(٥) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ١٠٧، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٨/ ٧٧، ولم ينسبه.


الصفحة التالية
Icon