وضلت ناقة النبي -صلى الله عليه وسلم- وذلك ليلًا، فقال رسول الله: "لا تخافوا فإنما هَبّتْ لموت عظيم (١) من عظماء الكفار توفي بالمدينة" قيل من هو؟ قال: "رفاعة بن تابوت". فقال رجل من المنافقين (٢): كيف يزعم أنه يعلم الغيب، ولا يعلم مكان ناقته، ألا يخبره الذي يأتيه بالوحي؟ فأتاه جبريل -عليه السلام- فأخبره بقول المنافق، وبمكان الناقة، وأخبر بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه، وقال: "ما أزعم أني أعلم الغيب، وما أعلمه، ولكن الله تعالى أخبرني بقول المنافق، وبمكان الناقة هي في الشعب قد تعلق زمامها بشجرة" فخرجوا يسعون قبل الشعب فإذا هو (٣) كما قال -صلى الله عليه وسلم- فجاؤوا بها وآمن ذلك المنافق، فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بني قينقاع -وكان من عظماء اليهود وكهفًا للمنافقين- قد مات ذلك اليوم (٤).

(١) أي: عقوبة له وعلامة لموته وراحة البلاد والعباد به. قاله النووي في "شرح صحيح مسلم" ١٧/ ١٢٧.
(٢) اسم هذا الرجل: زيد بن اللصيت، كما أخرج الواقدي في "المغازي" ٢/ ٤٢٣، وقد آمن بسبب ذلك كما سيأتي.
(٣) كذا، وكتب الناسخ فوقها: هي. وكلاهما له محمل صحيح.
(٤) خبر هبوب الريح، ومقتل اليهودي: أخرجه ابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام ٣/ ٣٠٤، ومن طريقه الطبري في "جامع البيان" ٢٨/ ١١٥ - ١١٦ من طريق أشياخه الثلاثة.
وأخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله، كتاب صفة المنافقين وأحكامهم (٢٧٨٢)، غير أنه لم يسم فيه الذي مات من المنافقين، وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (ص ٣١٥) من طريقين سمي في أحدهما اسم المنافق. =


الصفحة التالية
Icon