لا بالمباينة (١) والتحيز، ولكن بالقهر والتدبير (٢).
وقيل معناه: على السماء، كقوله: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِى جُذُوْعِ الْنَّخْلِ﴾ (٣)

= ١ - أنها بمعنى: فوق السماء. كما ذكره هنا.
٢ - أنها بمعنى: على السماء. كما سيذكره قريبًا.
وهذان المعنيان حق وعليهما مفسرو أهل السنة قال ابن أبي العز الحنفي: وهذا عند المفسرين من أهل السنة على أحد وجهين - فذكرهما- ثم قال: لا يختلفون في ذلك، ولا يجوز الحمل على غيره. ا. هـ من "شرح الطحاوية" ٢/ ٣٨٣.
(١) كذا، وفي (ت)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٨/ ٢١٦: لا بالمماسة. ولعله أقرب.
(٢) قول المصنف في أوله على مذهب أهل السنة، أما قوله بعد ذلك: لا بالمباينة.. إلخ فكلام فيه نظر: وقد سبقه إلى ذلك شيخه أبو بكر ابن فورك في "مشكل الحديث" (ص ٦٢)، ذلك أن هذا القول فيه سلب لبعض معاني العلو والفوقية لله جل وعلا كما سبق.
وأما نفيه المباينة أو المماسة، والتحيز، فهذا خلاف منهج أهل السنة والجماعة الذين يعتقدون أنه لا يثبت لله تعالى إلا ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله، لا يتجاوزون ألفاظ القرآن والسنة.
فهذِه العبارات: المماسة، والتحيز، والجهة، والحد هي عبارات مجملة، لم يأت نفيها ولا إثباتها في الكتاب والسنة. والقاعدة فيها وفي أمثالها ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في "الرسالة التدمرية" (ص ٦٥): وما تنازع فيه المتأخرون نفيا وإثباتا فليس على أحد، بل ولا له أن يوافق أحدا على إثبات لفظ أو نفيه، حتى يعرف مراده، فإن أراد حقا قبل، وإن أراد باطلا رد، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا ولم يرد جميع معناه، بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى، كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغير ذلك. ا. هـ.
وأما قوله بعد ذلك: ولكن بالقهر والتدبير فيقال: إن هذا جزء من معنى العلو الذي هو أعم من ذلك كما سبق.
(٣) طه: ٧١.


الصفحة التالية
Icon