بل أعظم من ذلك. طلق الرسول - ﷺ - نساءه، فقلت: قد خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظن هذا كائنًا، حتى إذا صليت الصبح، شددت على ثيابي (١)، ثم نزلت، فدخلت على حفصة، وهي تبكي. فقلت: أطلقكن رسول الله - ﷺ -؟ قالت: لا أدري، هو ذا معتزل في هذِه المشربة (٢)، فأتيت غلامًا له أسود (٣). فقلت: استأذن لعمر. فدخل الغلام، ثم خرج إلي، فقال: قد ذكرتك له فصمت، فانطلقت حتى أتيت المنبر، فإذا حوله رهط جلوس يبكي بعضهم، فجلست قليلاً، ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام، فقلت: استأذن لعمر، فدخل ثم خرج إلي، فقال: ذكرتك له فصمت، فخرجت وجلست إلى المنبر، ثم غلبني ما أجد، فأتيت -يعني الغلام- فقلت: استأذن لعمر، فدخل، ثم خرج إلى، فقال: قد ذكرتك له فصمت. قال: فوليت مدبرًا، فإذا الغلام يدعوني، فقال: ادخل، فقد أذن لك، فدخلت فسلمت على رسول الله - ﷺ - فإذا هو متكئ على رمل حصير (٤) قد

(١) أي: لبس الثياب التي يبرز بها إلى الناس من الإزار، والرداء، والعمامة، والدرع، والخمار. "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ١/ ٢٩٧.
(٢) المشربة هي: بضم الراء وبفتحها، وجمعها: مشارب ومشربات. والمراد بها: الغرفة العالية. "فتح الباري" لابن حجر ٥/ ١١٦، ٩/ ٢٨٦.
(٣) اسم الغلام هو: رباح، وهو مولى رسول الله - ﷺ -، وجاء مصرحًا به في بعض روايات الحديث، وهو مترجم في "الإصابة" لابن حجر ٢/ ١٩٣، وانظر "فتح الباري" لابن حجر ٩/ ٢٨٧.
وهو في بعض طرق الحديث كما في "المسند" لأبي يعلى ١/ ١٤٩ وغيره.
(٤) رمل: بسكون الميم، والمراد به: النسج، تقول: رملت الحصير، وأرملته إذا نسجته، وحصير مرمول أي منسوج. "فتح الباري" لابن حجر ٩/ ٢٨٧.


الصفحة التالية
Icon