أخبرنا أبي (١) قال: حدثنا أبو عمرو الأوزاعي (٢) قال: حدثنا أبو نصر يحيى بن أبي كثير العطار اليمامي (٣) قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن (٤): أي القرآن أنزل قبل؟ (٥) فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾

= والفرسخ: هو ثلاثة أميال بالهاشمي، والميل هو: ثلاثة آلاف ذراع، وقيل: أربعة آلاف ذراع.
انظر: "المصباح المنير" للفيومي (ص ٤٦٨)، "الكليات" لأبي البقاء (ص ٨٦٣).
(١) ثقة ثبت، قال النسائي: كان لا يخطئ، ولا يدلس.
(٢) عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، ثقة جليل فقيه.
(٣) ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل.
(٤) ابن عوف القرشي الزهري، ثقة مكثر.
(٥) اختلف العلماء في أول ما نزل من القرآن، فالجمهور على أن أول ما نزل ﴿اقْرَأْ﴾ والبعض على أن أول ما نزل ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾، وفي هذا الحديث اختلاف سياق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، عن جابر، عن سياق الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر.
فطريق يحيى فيها التصريح بأن أول ما نزل ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾، وطريق الزهري فيها التصريح بأن أول ما نزل ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾.
وعلى هذا أكثر كلام العلماء في الجمع بينهما، وحاصل ما ذكروه: أن أول ما نزل ﴿اقْرَأْ﴾ وهو المحفوظ من الخبرين، وعليه جماهير العلماء كما صُرح به في حديث عائشة عند البخاري، كتاب التفسير، باب سورة العلق (٤٩٥٣)، وأما قول من قال إن سورة المدثر أول ما نزل من القرآن على الإطلاق ضعيف لا يعتد به، وإنما كان نزولها بعد فترة الوحي كما صُرح به في رواية الزهري، فالصواب والله أعلم: أن أول ما نزل ﴿اقْرَأْ﴾ وأن أول ما نزل بعد فترة الوحي سورة المدثر، فحصل بهذا الجمع بين اللفظين.
انظر: "صحيح ابن حبَّان" كما في "الإحسان" ١/ ٢٢١، "شرح صحيح مسلم" للنووي ٢/ ١٩٩، "المحرر الوجيز" لابن عطية ١٦/ ١٥٤، "لباب التأويل" =


الصفحة التالية
Icon