وكانت تحت يده مائتان وستون ملكًا، فخرج القهارمة وتبددوا في الأرض ليجدوا ما يوافقوه حتى وقعوا على صحراء عظيمة نقية من التلال، فإذا هم بعيون مُطردة (١)، قالوا: هذِه صفة إرم التي أمر الملك بها، فقدروها العرض والطول (٢)، ثم وضعوا أساسها من الجزع اليماني وأقاموا في بنيانها ثلاثمائة سنة حتى فرغوا منها، وكان عمر شداد سبعمائة (٣) سنة، فلما أتوه فارغين منها قال: انطلقوا واجعلوا عليها حصنًا (٤)، واجعلوا حول الحصن ألف قصر، عند كل قصر ألف علم، يكون في كل قصر من تلك القصور وزير من وزرائي، ويكون فوق كل (٥) علم ناطور (٦)، فرجعوا وعملوا ما أمرهم به، فأمر ألف وزير أن يتهيئوا للنقلة إلى إرم ذات العماد، وأمر تلك الأعلام برجال يسكنونها، ويقيمون عليها، وكان الملك وأهله (٧) في جهازهم عشر سنين، ثم ساروا إليها، فلما كان منها

(١) المطردة: الجارية. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٣/ ١٠٧، "لسان العرب" لابن منظور ٣/ ٢٦٨.
(٢) في (س): بالعرض والطول.
(٣) في (س): تسعمائة.
(٤) الحصن: كل موضع حصين لا يوصل إلى ما في جوفه. والجمع: حصون.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ١٣/ ١١٩.
(٥) من (س).
(٦) الناطور: حافظ الزرع، والتمر، والكرم، وهي من كلام أهل السواد وليست بعربية محضة. انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٥/ ٢١٥.
(٧) في (س): وأهله يقيمون في جهازهم.


الصفحة التالية
Icon