قال الحسن: كانوا أنتانًا أهل كرّاث وأبصال وأعداس، فنزعوا إلى عكرهم عكر السوء، واشتاقت طباعهم إلى ما جرت عليه عادتهم (١)، فقالوا: ﴿لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ﴾ (٢). يعني: المنّ والسلوى، وإنما قال (٣): ﴿طَعَامٍ وَاحِدٍ﴾ وهما اثنان؛ لأن العرب تعبر عن الاثنين بلفظ الواحد، وعن الواحد بلفظ الاثنين، كقوله: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (٢٢)﴾ (٤) وإنما يخرجان من الملح منهما دون العذب، وقال عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم: كانوا يعجنون المنّ والسلوى فيصير طعامًا واحدًا فيأكلونه (٥). ﴿فَادْعُ لَنَا﴾ أي: سل لنا وادع لأجلنا، ﴿رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا﴾ قراءة العامة بكسر القاف، وقرأ يحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف والأشهب العقيلي: (وقُثائها) بضم القاف وهي لغة تميم (٦).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ١/ ١٩٣ (٦٢٠)، بسنده عن الحسن نحوه.
وذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١/ ٣٥٩ - ٣٦٠، وابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٤٢٥، وهو في "تفسير الحسن البَصْرِيّ" ٢/ ٥٣.
(٣) في (ت): قالوا.
(٤) الرَّحْمَن: ٢٢.
(٥) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١/ ٣١٠ بنحوه. وذكره الواحدي في "البسيط" ٢/ ٩٥٩، والبغوي في "معالم التنزيل" ١/ ١٠٠ - ١٠١، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٤.
(٦) "المحتسب" لابن جني ١/ ٨٧، "مختصر في شواذ القرآن" لابن خالويه (ص ٦)، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١/ ٣٦١.