بنو قريظة مع حلفائهم النضيرَ وحلفاءَهم، وإذا غلبوا خرَّبوا (١) ديارهم وأخرجوهم منها، فإذا أسِرَ رجل من الفريقين كليهما جمعوا له حتى يفدوه، فتعيِّرهم العرب بذلك وتقول: كيف تقاتلونهم وتفدونهم، فيقولون: إنَّا قد أمرنا أن نفديهم، وحُرِّم علينا قتالُهم، قالوا: فلم تقاتلونهم؟ قالوا: إنا نستحيي أن تُستَذلَّ حلفاؤنا، فذلك حين عيَّرهم الله تعالى فقال: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ (٢).
وفي الآية تقديم وتأخير نظمها: وتُخرجون فريقًا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم با لإثم والعدوان، وهو محرَّم عليكم إخراجهم، وإنْ يأتوكم أسرى تفدوهم.
فكأن الله تعالى أخذ عليهم أربعة عهود: ترك القتل، وترك الإخراج، وترك المظاهرة عليهم مع أعدائهم، وفداء أسراهم.
فأعرضوا عن كلِّ ما أُمروا إلى الفداء، فقال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ فإيمانهم:

(١) في (ج): أخربوا.
(٢) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١/ ٣٩٧ - ٣٩٨، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٢٦٢ (٨٦٢) من طريق أسباط، عن السدي.
وذكره البغوي في "معالم التنزيل" ١/ ١١٨، وابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٤٧٨.
وورد نحوه عن ابن عباس، أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١/ ٣٩٧، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٢٦١ (٨٦١) مختصرًا، وذكره ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٤٧٧، والسيوطي في "الدر المنثور" ١/ ١٦٦.


الصفحة التالية
Icon