الشام (١)، وكان الحرم واديًا جدبًا لا زرع فيه ولا ضرع، ولا ماء، ولا شجر، وإنما كانت قريش تعيش بها بتجارتهم ورحلتهم، وكان لا يتعرض (٢) لهم أحد بسوء، وكانوا يقولون: قريش سكان حرم الله وولاة بيته، فلولا الرحلتان لم يكن لأحد بمكة مقام، ولولا الأمن بجوار البيت لم يقدروا على التصرف فشق عليهم الاختلاف إلى اليمن والشام فأخصبت تَبَالة وجُرَش والجَنَد من بلاد اليمن فحملوا الطعام إلى مكة (وأهلُ الساحل في البحر على السفن، وأهلُ البر على الإبل والحمر) (٣)، فألقى أهل الساحل بجُدَّة، وأهل البر بالمحصب، وأخصبت الشام فحملوا الطعام إلى مكة، فحمل أهل الشام إلى الأبطح، وحمل أهل اليمن إلى جدة، فامتاروا من قريب وكفاهم الله مؤمنة الرحلتين وأمرهم بعبادة رب البيت (٤).
[٣٦٤٥] أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمَّد (بن حبيب) (٥)، أخبرنا أبو الوليد حسَّان بن محمَّد (٦)، حدثنا القاسم بن زكريا

(١) رواه عبد الرزاق في "تفسير القرآن" ٢/ ٣٩٨ عن الكلبي، وهذا هو القول الثالث.
(٢) في (ب)، (ج): يعرض.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ج).
(٤) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (ص ٤١٣)، "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٢٩٤، "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ٥٤٧، "لباب التأويل" للخازن ٤/ ٤٧٦.
(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل، وأثبته من (ب)، (ج)، وهو الحبيبي، قيل: كذبه الحاكم.
(٦) ابن أحمد بن هارون، الإِمام الحافظ، شيخ خراسان ومفتيها.


الصفحة التالية
Icon