٤ - ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤)﴾
يعني: الساحرات المهيجات اللاتي ينفثن في (١) في عقد الخيط حين يرقين عليها (٢)، والنفث: شبه النفخ (٣). قال عنترة (٤):

فإن يَبْرأ فَلَمْ أَنفِثْ عليهِ وإن يُفقدْ فَحُقّ له الفُقُودُ (٥)
= عبَّر عنه بما يدل على الليل، والنبي - ﷺ - فسره بالقمر ولا تعارض في ذلك. قال النحاس: القمر بالليل يكون، والكوكب لا يكاد يطلع إلَّا ليلًا. وقال ابن تيمية: القمر آية الليل، وكذلك النجوم إنما تطلع فَتُرى بالليل، فأمره - ﷺ - بالاستعاذة من ذلك أمر بالاستعاذة من آية الليل، ودليله وعلامته، والدليل مستلزم للمدلول، فإذا كان شر القمر موجودًا، فشر الليل موجود، وللقمر من التأثير ما ليس لغيره، فتكون الاستعاذة من الشر الحاصل عنه أقوى.
وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ١٤/ ٥٢٥: القمر آية الليل، ولا يوجد له سلطان إلَّا فيه، وكذلك النجوم لا تضيء إلَّا بالليل فهو يرجع إلا ما قلناه.
وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٥/ ٣١٤، "جامع البيان" للطبري ٣٠/ ٣٥٣، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية ١٧/ ٥٠٦.
(١) في (ج): حتى، وهو خطأ.
(٢) انظر: "جامع البيان" للطبري ٣٠/ ٣٥٣، "النكت والعيون" للماوردي ٦/ ٢٧٥، "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ٥٩٦.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٣٧٩، "تفسير المشكل من غريب القرآن" لمكي (ص ٣٥٩)، "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني (ص ٨١٦).
(٤) في (ج): الشاعر.
(٥) "ديوانه" (ص ٤٢)، والبيت من شواهد أبي عبيدة في "مجاز القرآن" ٢/ ٣١٧ ونسبه إلى عنترة.


الصفحة التالية
Icon