آمنتم به كإيمانكم، وقيل: ﴿مِثْلِ﴾ صلة أي بما آمنتم به. وهكذا كان يقرؤها ابن عباس ويقول: اقرأوا: فإن آمنوا بما آمنتم به فليس لله مثل (١). ونظيرها قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (٢) (٣) أي كهو، قال الشاعر:
يا عاذِلي دعْني مِن عذْلِكَا... مِثْلِي لا يَقْبَلُ مِنْ مِثْلِكَا (٤)

= أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربِّهم لا نُفرِّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون". فلمّا ذكر عيسى جحدوا نبوَّته، وقالوا: لا نؤمن بعيسى، ولا نؤمن بمن آمن به. فأنزل الله فيهم: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٥٩].
وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام ٢/ ٢١٦. وذكره ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٣٨١، ٣٨٢.
(١) أخرج الطبري في "جامع البيان" ١/ ٥٦٩، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٤٠١ (١٣١٦)، وابن أبي داود في "المصاحف" (ص ٧٦)، من طريق شعبة، عن أبي حمزة القصَّاب، عن ابن عباس قال: لا تقولوا: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ﴾ فإنَّ الله لا مثل له، ولكن قولوا: فإن آمنوا بالذي آمنتم به فقد اهتدوا. أو قال: فإن آمنوا بما آمنتم به.
وقد وجَّه ابن جرير في "جامع البيان" ٣/ ١١٤ هذِه القراءة، وبين المعنى الصحيح لقوله ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ﴾.
(٢) الشورى: ١١.
(٣) قال ابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية" ١/ ١٢١: وفي إعراب ﴿كَمِثْلِهِ﴾ وجوه ثلاثة: أحسنها أنَّ الكاف صلة زيدت للتأكيد.
(٤) البيت بلا نسبة في "البيان" لابن الأنباري ٢/ ٣٤٥، "تفسير القرآن" للسمعاني =


الصفحة التالية
Icon