ورهطٍ من قريش، قالوا: يا محمد، اجعل لنا الصفا ذهَبًا، ووسِّع لنا أرض مكة، وفجِّر الأنهار خلالها تفجيرًا، نؤمن بك. فأنزل الله -عز وجل-: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ (١). يعني: أتريدون، والميم صلة، لأنَّ (أمْ) إذا كان بمعنى العطف لا يكون ابتداءً، ولا تأتي إلا مردودةً على استفهام قبلها.
وقيل: معناه: بل تريدون (٢)، كقول (٣) الشاعر:

بَدَتْ مثلَ قرنِ الشمسِ في رونقِ الضُّحى وصورتها أم أنتِ في العين أملحُ
أي: بل أنتِ.
﴿أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ﴾ محمدًا -عليه السلام- ﴿كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾ سأله قومه ﴿فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ (٤).
(١) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص ٣٧)، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ٢/ ٦٢، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٥١٦. وذكره ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٣٥٠ عن الواحدي، وقال: ذكره الثعلبي، ولعله من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس...
وسيأتي -بعد قليل- ترجيح المصنف أنَّ الآية نزلت في اليهود.
وهناك أسباب أخرى ذُكرت في "جامع البيان" للطبري ١/ ٤٧٨ - ٤٧٩، "تفسير القرآن العظيم" لابن أبي حاتم ١/ ٣٢٨ - ٣٣٠، "الدر المنثور" للسيوطي ١/ ٢٠١.
(٢) انظر: "جامع البيان" للطبري ١/ ٤٨٥، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٢٥٥، "معالم التنزيل" للبغوي ١/ ١٣٥، "المجيد في إعراب القرآن المجيد" للصفاقسي (ص ٣٧٦).
(٣) في (ت): قال.
(٤) النساء: ١٥٣.


الصفحة التالية
Icon