وقال الحسن: إن الكافرين عبدوا الله عز وجل بالواسطة، وذلك قولهم للأصنام: ﴿هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ (١) وقولهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ (٢)، والمؤمنون يعبدونه بلا واسطة؛ لذلك قال عز من قائل: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ (٣).
قال سعيد بن جبير: إن الله عز وجل يأمر من أحرق نفسه في الدنيا على رؤية الأصنام أن يدخلوا جهنم مع أصنامهم، فيأبون لعلمهم أن عذاب جهنم على الدوام، ثم يقول للمؤمنين بين أيدي الكافرين: إن كنتم أحبائي فادخلوا جهنم، فيقتحم المؤمنون النار، وينادي مناد من تحت العرش: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ (٤).
وقيل: لأن (٥) حب المشركين لأوثانهم مشترك؛ لأنهم يحبون الأنداد الكثيرة، وحب المؤمنين لربهم غير مشترك؛ لأنهم يحبون ربًا واحدًا.
وقيل: لأن حبهم هوائي، وحب المؤمنين عقلي.
وقيل: لأن حبهم الأصنام (٦) بالتقليد، وحب المؤمنين الله (٧) عز وجل

(١) يونس: ١٨.
(٢) الزمر: ٣.
(٣) "تفسير الحسن البصري" ١/ ٩٤.
(٤) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" ١/ ٣٦.
(٥) في (ت): إن.
(٦) في النسخ الأخرى: للأصنام، والمثبت من (س).
(٧) في (ج): لله.


الصفحة التالية
Icon