فأما إذا خرج مطيعًا، ومباحًا له ذلك، فإنَّه يُرخَّص له فيه.
وهذا قول مجاهد، وسعيد بن جبير، والضَّحَاك، والكلبي، ويمان (١).
وهو مذهب الشَّافعيّ - رضي الله عنه - قال: إذا أبَحْنا له ذلك فقد أعنَّاه على فساده وظلمه، لكن يتوب ويستبيح ذلك (٢).
وقال الآخرون: هذا البغي والعدوان راجعان إلى الأكل، وإليه ذهب أبو حنيفة رحمه الله وأباح تناول الميتة للمضطر وإن كان عاصيًا (٣)، ثم اختلف أهل التأويل في تفصيل هذا التفسير (٤): فقال الحسن وقتادة والربيع وابن زيد: ﴿غَيْرَ بَاغٍ﴾ بأكله من غير اضطرار ﴿وَلَا عَادٍ﴾: متعدٍّ (٥) يتعدى الحلال إلى الحرام، فيأكلها وهو

(١) رواه ابن جرير في "جامع البيان" ٢/ ٨٦ - ٨٧، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٢٨٣، ٢٨٤ (١٥١٩، ١٥٢٢ - ١٥٢٣، ١٥٢٨) من طرق، عن مجاهد.
وأخرجاه أَيضًا: الطبري في "جامع البيان" ٢/ ٨٧، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" (١٥٢٤) من طريق شريك النَّخَعيّ، عن سالم الأفطس، عن سعيد ابن جبير.
وذكره بقية المفسرين عنهما.
(٢) "الأم" للشافعي ٢/ ٢٢٦، "الوسيط" للواحدي ١/ ٢٥٩، "البحر المحيط" لأبي حيان ١/ ٦٦٤، "غرائب القرآن" للنيسابوري ١/ ٤٧٢.
(٣) "أحكام القرآن" للجصاص ١/ ١٥٦، "أحكام القرآن" للتهانوي ١/ ١٢٠.
(٤) أي: القول بأن البغي والعدوان المنهي عنهما في الآية راجعان إلى الأكل.
(٥) في (ج)، (ش): معتد.


الصفحة التالية
Icon