أصلًا، وقال أيضًا: ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾، ولو كانت المسألة من شأنهم لما كانت (١) بالنبي - ﷺ - إلى معرفتهم بالعلامة والدلالة حاجة، إذ السؤال ينبئ عن حالهم، وهذا كما تقول في الكلام: قلّ ما رأيت مثل هذا الرجل. ولعلك لم تر مثله قط (٢) قليلًا، ولا كثيرًا، قال الله عز وجل: ﴿فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ (٣) وهم كانوا لا يؤمنون قليلًا، ولا كثيرًا (٤).
وأنشد الزجاج:

على لَاحِبٍ لا يُهْتَدى لمنارِهِ إذا سَافَهُ العَوْدُ الدِّيِّافِي جَرْجَرا (٥)
(١) في (ش): كان.
(٢) ساقطة من (ش)، (ح)، (أ).
(٣) البقرة: ٨٨.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٨١، "جامع البيان" للطبري ٣/ ٩٩ - ١٠٠، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٥٧، "الأمالي" للمرتضى ١/ ١٦٤ - ١٦٥.
(٥) البيت لامرئ القيس وهو في "ديوانه" (ص ٦٤)، وفي "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٥٧، "معاني القرآن" للنحاس ١/ ٣٠٤، "الأمالي" للمرتضى ١/ ١٦٥.
والشاعر يصف طريقًا، وأراد بقوله: لا يهتدى بمناره أنه لا منار له؛ فيهتدى به، والعوْد: المسن من الإبل. والدِّيافي: منسوب إلى ديِاف قرية بالشام معروفة. وسافَهُ: شمَّه. والجرْجرة مثل الهدير، وإنما أراد أن العود إذا شمه عرفه، فاستبعده، وذكر ما يلحقه فيه من المشقة فجرْجَر لذلك.
انظر: "الأمالي" للمرتضى ١/ ١٦٥.
وانظر مناقشة ابن عطية وأبي حيان للزجاج لاستشهاده بهذا البيت في توضيح معنى الآية.


الصفحة التالية
Icon