وقال الشعبي: بلغ رسول الله - ﷺ - والمسلمين يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين، فشق ذلك عليهم، فأنزل الله تعالى: ﴿أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿مُسَوِّمِينَ﴾ قال: فبلغ كرز الهزيمة، فرجع، ولم يأتهم، ولم يمدهم الله أيضًا بالخمسة آلاف، وكانوا قد أمدوا بألف (١).
وقال آخرون: إنما وعبد الله المسلمين يوم بدر إن صبروا على طاعته واتقوا محارمه أن يمدهم في حروبهم كلها، فلم يصبروا ولم يتقوا إلا في يوم الأحزاب، فأمدهم الله حين حاصروا قريظة.
قال عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه: كنّا محاصري قريظة والنضير ما شاء الله أن نحاصرهم فلم يفتح علينا فرجعنا، فدعا رسول الله - ﷺ - بغسل فهو يغسل رأسه إذ جاءه جبريل فقال: يا محمَّد، وضعتم أسلحتكم، ولم تضع الملائكة أوزارها.
فدعا رسول الله - ﷺ - بخرقة فلف بها رأسه، ولم يغسله، ثم نادى فينا فقمنا كالين مُعْيين (٢) لا نعبأ بالسير شيئًا، حتى أتينا قريظة

(١) أخرج الطبري في "جامع البيان" ٤/ ٧٦ - ٧٧ عن عامر الشعبي نحوه.
(٢) كل الرجل يكلّ في المشي فهو قال: إذا بلغ منه التعب والإعياء.
انظر: "أساس البلاغة" للزمخشري ١/ ٥٥٠، "المحيط في اللغة" لإسماعيل بن عباد ٦/ ١٤١ (كلل).
والإعياء: الكلال.
انظر: "المحيط في اللغة" لإسماعيل بن عباد ٢/ ١٨٨ (عيي)، "أساس البلاغة" للزمخشري ١/ ٤٤٣ (عيي).


الصفحة التالية
Icon